غاز الهيدروكسي


غاز الهيدروكسي


غاز الهيدروكسي Hydroxy gas عبارة عن مزيج من غازي الهيدروجين والأوكسجين بنفس النسب التي يتركب منها الماء، ولذلك يشار إليه أحياناً بالرمز HHO. والهيدروكسي هو الغاز الذي نعمل على إنتاجه، عندما نريد تحويل الماء إلى وقود، ولهذا يسميه البعض بإسم "وقود الماء". غير أننا بحاجة إلى التعرف على بعض التفاصيل عن الهيدروكسي قبل المضي باتجاه إنتاجه والتعامل معه.
ذكرنا في المقالات السابقة أن الماء يتكون من اتحاد غازي الهيدروجين والأوكسجين، بواقع ذرة أوكسجين واحدة مقابل ذرتين اثنتين من الهيدروجين لكل جزيئة من جزيئات الماء.
وعندما نقوم بتحليل الماء بواسطة الكهرباء، فإننا نستخدم عادة التيار المستمر DC، والذي نحصل عليه في المعتاد من البطاريات، سواء كانت بطاريات جافة أو بطاريات حامضية مثل بطاريات السيارات. ولكل بطارية بالطبع قطبان: قطب سالب، وقطب موجب.
والآن عندما نأتي بكمية من الماء في وعاء، ونضيف إليه بضع قطرات من أي حامض لزيادة التوصيل الكهربائي، ثم نضع فيه لوحين من المعدن، ونوصل أحدهما بالقطب الموجب للبطارية، والثاني بالقطب السالب. سوف نلاحظ ظهور فقاعات على سطح كل من اللوحين. بالطبع ستظهر فقاعات الأوكسجين عند اللوح الموجب، وفقاعات الهيدروجين عند اللوح السالب. سيكون حجم فقاعات الهيدروجين ضعف حجم فقاعات الأوكسجين، وستبدأ الفقاعات صغيرة في البداية وملتصقة باللوح، ثم تكبر مع الوقت، وبمجرد أن تكبر، تنفصل من اللوح، وتطفو إلى السطح، لتنفجر وتذهب مختلطة بالهواء.
لقد قمت بهذه التجربة عندما كنت في الدراسة المتوسطة، وأظن أن الكثير من الناس قد قام بالمثل، حتى أنني مضيت في التجربة أكثر، وقمت بتجميع فقاعات غاز الهيدروجين، ثم أشعلتها بعود كبريت، وشاهدت كيف اشتعل الهيدروجين بسرعة، وبلهب أزرق.
طبعاً سيقول كثير من الناس، ما دامت المسألة سهلة إلى هذا الحد، فلماذا لا نقوم بتجميع غاز الهيدروجين فقط، بمعزل عن الأوكسجين، لنستفيد منه كوقود؟ لماذا نسمح بامتزاج الهيدروجين مع الأوكسجين، لنصنع الهيدروكسي، وهو غاز شديد الخطورة ويصعب التعامل معه؟ وهذه طبعاً أسئلة منطقية ومشروعة، إذا ما نظرنا إليها من الناحية النظرية، ولكننا عند التطبيق العملي سنجد الإجابة على هذه الأسئلة.
من أجل أن تحصل على الهيدروجين معزولاً عن الأوكسجين يتوجب عليك أن تزيد المسافة بين اللوح السالب واللوح الموجب، لكي يكون بإمكانك أن تضع حاجزاً يفصل بين ما يعطيه لوح الهيدروجين عما يعطيه لوح الأوكسجين. هذه مسألة هامة.
ولكن زيادة المسافة تعني أولاً زيادة في حجم الوحدة، بينما يكون المجال المتاح في الغالب صغيراً. وثانياً نقص في إنتاج الغاز بسبب أن مقاومة السائل بين اللوحين تزداد بزيادة المسافة، وهذا يعني وجوب زيادة فرق الجهد بين اللوحين، من أجل زيادة التيار، ومن ثم يزداد إنتاج الغاز. ولكن زيادة التيار ستجعل الماء يسخن، فتضيع علينا كمية من الطاقة بشكل حرارة وبخار. وهكذا تزداد الخسائر، وتصبح العملية مكلفة وغير مرغوبة من الناحية العملية.
هذا، بالإضافة إلى أسباب أخرى سنتطرق إليها في المستقبل. وقد كان هذا دافعاً باتجاه إنتاج الهيدروكسي، رغم خطورته. فبدلاً من إبعاد الألواح عن بعضها، تم الإتجاه إلى تقريب الألواح من بعضها البعض، حتى تم الوصول إلى مسافة أقل من 2ملم، وبذلك أصبح ممكناً استخدام فرق جهد بحدود 2 فولت أو أقل بين اللوحين، مع إنتاجية جيدة من الغاز. هذا جعلنا نحصل على وحدات إنتاج للهيدروكسي صغيرة الحجم، ويمتاز الكثير منها بسهولة التنفيذ، مع الإقتصاد في الطاقة إلى أقصى حد.
ولكن الهيدروكسي غاز خطر، وخطر جداً، وقابل للإنفجار بأقل شرارة. إن انفجار ما يعادل حجم كوب من غاز الهيدروكسي على مقربة منك، يمكنه أن يفقدك السمع بشكل دائم. وعليه يجب اتخاذ منتهى الحيطة والحذر عند التعامل مع هذا الغاز، وأنصح اولئك الهواة أن يكونوا على حذر، وإذا لم يكن لديهم ما يكفي من الكفاءة العلمية والعملية فعليهم الإبتعاد نهائياً عن المحاولة في هذا الإتجاه.
هناك خطورة أخرى يجب التنبه لها، وهي أن غاز الهيدروجين خفيف بطبيعته. إنه أخف الغازات على الإطلاق، وقد استعمل لفترة من الزمن في ملء المناطيد. هذا يعني أنه عندما يتسرب، فإنه يصعد نحو الأعلى، ويختار أعلى الأماكن ليتجمع عندها. وعليه أنصح العاملين في هذا المجال، بعدم القيام باختباراتهم في أماكن مغلقة غير جيدة التهوية. لا تخاطروا بإجراء هذه التجارب داخل المنازل. لأن الهيدروجين، سواء كان هيدروجين خالص، أو هيدروكسي، سيتجمع بمرور الوقت عند السقف، وسوف لن تكون قادراً على الإحساس به.
إن غاز القناني المستخدم في الطبخ أثقل من الهواء، وعندما يتسرب، فإنه يبقى عند مستوى الأرض، وستحس برائحته، ومن ثم تتصرف. أما مع الهيدروجين، فيحدث العكس، سيتراكم فوق بانتظار أية شرارة. وإذا كان قد تراكم بكمية كافية فسيدمر المنزل. وعليه أرجو أن تكون على حذر. فلا تقوم بالعمل في مرحلة التجارب إلا في أماكن مفتوحة جزئياً أو كلياً. على الأقل يجب أن يكون لديك فتحة في السقف تؤدي إلى الفضاء الخارجي، والأنسب أن يكون مكان عملك تحت سقيفة خارج المنزل، أو في غرفة ينقصها جدار.
هذا الكلام لا يعني أننا غير قادرين على التعامل مع الهيدروكسي. يمكن التعامل معه بشرط اتخاذ الإحتياطات المناسبة، وأن تكون إجراءات السلامة والأمن سياقات عمل بالنسبة للعاملين في هذا المجال.
من إجراءات السلامة أن لا تحاول خزن الهيدروكسي، وإنما أن تعمل على أن يكون الإنتاج عند الطلب فقط. كما يجب أن تبنى وحدة التحليل الكهربائي بأقرب ما يكون من الحجم الأمثل. لا تصنعها بحجم أكبر من اللازم، فهذه الزيادة في الحجم ستصبح في النهاية خزاناً غير مرغوب فيه لغاز الهيدروكسي. إذا كان الإرتفاع التصميمي للوحدة 25سم مثلاً، فلا تصنعها بارتفاع 30سم، على قاعدة "الزيادة خير من النقصان"، هنا الزيادة غير الضرورية كلها شر، فابتعد عنها.
من إجراءات السلامة أيضاً، أن تجعل وحدة التحليل بأقرب ما يمكن من المحرك بالنسبة للسيارة. فأنت أصلاً ستوصل غاز الهيدروكسي من وحدة التحليل إلى المحرك بواسطة أنبوب، وكلما زادت المسافة، زاد طول الأنبوب، وزادت كمية الهيدروكسي في الأنبوب، وهي كمية غير مستعملة، أي أنها كمية فائضة، وهذا مخالف لإجراءات السلامة.
من إجراءات السلامة أيضاً، وضع مانعة لهب، واحدة على الأقل، بين وحدة التحليل الكهربائي والمحرك، وإذا استعملت اثنتين من مانعات اللهب، سيكون أفضل، بشرط أن تكون واحدة بجوار وحدة التحليل، والثانية بجوار المحرك.
يجب أن تكون مانعة اللهب بحجم مناسب، واحرص على أن يكون مستوى الماء فيها بحدود ثلاثة أرباع الإرتفاع الداخلي لها، وأن تقوم بتحوير أنبوب الدخول بحيث يكون خروج الغاز بشكل فقاعات صغيرة وليست كبيرة، لأن تدفق الغاز عندما يكون كبيراً والفقاعات كبيرة، ربما يتسبب في وجود عمود من الغاز وسط ماء مانعة اللهب، وبذلك تفقد مانعة اللهب وظيفتها.
إن إجراءات السلامة هذه لها الأولوية، وقد أردت أن أضعها في البداية، لكي لا تضيع أهميتها عندما تذكر وسط تفاصيل موضوع آخر. هناك إجراءات سلامة أخرى، ولكنها ستذكر عندما يحين وقتها، أثناء الدخول في تفاصيل بناء محللات الماء الكهربائية.
بالطبع يمكن إنتاج تنويعات من غاز الهيدروكسي. والنوع الأكثر شيوعاً هو خليط من غازي الهيدروجين H2 والأوكسجين O2 بشكلهما الجزيئي ثنائي الذرة. وهو نوع مستقر إلى حد كبير. هناك نوع آخر ينتج في محللات الماء الكهربائية المتقدمة، وهو عبارة عن خليط من غازي الهيدروجين H1 والأوكسجين O1 بشكلهما المفرد الذرة، والطاقة الناتجة من حرق هذا النوع تعادل أربعة أضعاف النوع الأول البسيط، ولكنه غير مستقر، وإذا ترك بدون استعمال، فإنه يتحول مع الوقت، خلال بضع ساعات، إلى النوع البسيط المستقر ثنائي الجزيئة، ويفقد الكثير من طاقته، كما أن حجمه يتقلص. لهذه الحالة بالطبع آثار سلبية في بعض الجوانب، سنتطرق إليها بالتفصيل في حينها.
هناك أيضاً نوع آخر يمكن إنتاجه من التحليل الكهربائي للماء، يدعى عناقيد غاز الماء. وهذا ليس من أنواع الهيدروكسي على الإطلاق، ولكنه ينتج أحياناً مع غاز الهيدروكسي، كما يمكن إنتاجه منفرداً بواسطة تقنيات معينة. وربما تمت الإشارة إليه في بعض المصادر بإسم غاز س ج S G Gas. ولهذا النوع من الغاز مواصفات غريبة. قد أقوم بإعداد مقالة عنه، ولكن بعد تغطية مولدات الهيدروكسي بالكامل.
كانت هذه المقالة ضرورية جداً في هذا الوقت، قبل الدخول في موضوع توليد الوقود من الماء من الناحية العملية، وهو ما ستكون عليه طبيعة المقالات القادمة. وقد قمت بتجميع معلوماتها من أماكن كثيرة متناثرة، لا يجمعها إلا إسم الموضوع، فرأيت تجميعها لتوفر للقاريء أساساً للتصور، ولكي يتجنب بعض العاملين في هذا المجال مغبة الأخطاء التي أراهم يقعون فيها على اليوتيوب.
فإلى لقاء قريب.

Comments

Popular posts from this blog

ملاحظات ختامية حول بناء المعززات

الإلكتروليت

غاز الهيدروجين